عن الجمال الأميركي و أشياء أخري
كنت أريد أن أتكلم اليوم عامة عن زيف المجتمعات و التي تناوله فيلم american beauty أو الجمال الأميركي بوضوح
فهذا الفيلم برغم أنه ليس حديثا , و برغم أنني رأيته كثيرا الا أن محبتي للفيلم يزداد في كل مرة أراه فيها
الفيلم طبعا بطله kevin spacey(lester burnham) الذي عبقر بحق في هذا الفيلم , و كان يلعب دور مواطنا أميركيا عاديا يشتغل وظيفة جيدة بمرتب جيد , ويعيش مع زوجته الأنيقة و ابنته الجميلة في بيت جميل بحي نظيف يطل علي أشجار و زهور ..., باختصار حقق الamerican dream الذي يتمناه سواء كل رجل أميركي أو غير أميركي
... و لكن رغم ذلك يشعر بالخواء و البقعة السوداء العميقة التي تتسع كل يوم و لا يدري لها سبب
و يري صديقة ابنته التي كانت تملك كل مقومات الجمال الأميركي فهي كانت جميلة شقراء و رشيقة فتملكته روح مراهقة و رغبة عاتية ناحية هذه الفتاة لدرجة جعلت ابنته و زوجته يدركان هذا الأمر...
ثم بعد ذلك يبدأ في تنفيذ خطوات مبدئية لمحاولة لفت انتباهها بلعب الرياضة لكي يبدو أكثر شبابا و جاذبية بأن يصبح أكثر رشاقة
و يكتشف علي فترات متوالية مدي العطب الذي أصابت حياته , فهو لم يعد يشعر بالمشاعر التلقائية التي كانت تواتيه في الماضي مثل الشغف أو التهور أو الفرح حتي .....
فيستقيل من وظيفته , و يواظب عمل الرياضة و يبدأ في تجلية الصدي عن روحه ويحاول أن يخرج زوجته من الحالة الراكدة التي تعانيه بيته و لكنه يفشل في ذلك , بل و يكتشف بعد ذلك بأنها خانته مع شريك عملها
و فيما بعد يكتشف أيضا أن ابنته تكرهه و تعتبره رجل شهواني حقير لأنه أحس بالرغبة ناحية صديقتها
و جاره العسكري المتقاعد (chris cooper), الحازم مع ابنه , و الذي لم يستطع أن يخرج من حالة العظمة التي كان يتمتع بها أثناء خدمته العسكرية فظل بهذه الحالة من التشنج في المعاملة
و كان يسخر من رجلين كانا يسكنان في الجوار (و كانا شاذين ) فلا يحاول أبدا التعامل معهما بشكل من الأشكال , و كان يسخر منهما باستمرار , الا أنه في آخر الأمر يحاول التحرش ب (kevin spacey) !
أما (kevin .s) فهو لم يعد راغبا في الفتاة الشقراء الجميلة , بل و أشفق عليها كأنها ابنته بعد أن رآها تبكي لأن فتي قد نعتها بأن جمالها مبتذل و عادي بعد أن كانت مختالة بجمالها
و ينتهي الفيلم بموت lester(kevin .s) علي يد جاره العسكري الذي لم يتحمل فضيحة أن يتم اكتشاف ميوله الشاذة
و بشكل ما يوضح المخرج بأن lester قد تحرر من الزيف ووصل الي الحياة الحقيقية بموته (علي ما أعتقد (؟)) لأنه كان مبتسما بعد ما قتل
.... و هذا المختصر الغير مفيد للفيلم في الحقيقة , لأن الفيلم يتخلله مشاهد كثيرة عبقرية , بالاضافة الي أداء الممثلين الذي أعتقد أنه لم يكن أداء تمثيلي بقدر أنهم عاشوا هذه القصة في رحلة البحث عن قيمة لحياتهم المزدانة بالورود البلاستيكية
و هنا يتناول المخرج الزيف المتخلل تحت عباءة الحضارة الأميركية , فماذا عن زيف مجتمعنا نحن ؟
فالانسان لكي ينخرط في الحياة الاجتماعية يتعلم معها فنون كثيرة مثل الكذب , الابتسامة الصفراء الجاهزة في كل وقت, و الكلام الكثير الغير مفيد , .. و الي آخره....
و كل هذا له مسمي آخر ألا و هو ( الذكاء الاجتماعي ) ....
و هذه الأساليب غالبا تنجح (أو دائما ؟) لكسب انتباه الناس , و لكي توسع دائرة معارفك , و ربما لتنجح في عملك أيضا ...
و لكن نصل في مرحلة ما لكي نكتشف أن البالونة الي ظللنا ننفخ فيها طوال حياتنا لم تكن مملوءة الا بالهواء , و أنها بلا قيمة في الحقيقة ...
و يوجد في كثير من الآيات في القرآن (و أكثرهم لا يفقهون ) (و أكثرهم لا يعلمون )
كأن الله ينبه من الانقياد وراء آراء غالبية المجتمع ( فالذوق العام دائما متدني بشكل ما في كل مكان )
و اذا انقاد الانسان وراء رغبات الناس , سيحرص علي تجميل الشكل الخارجي و تجديدها باستمرار , بينما يزداد العفن من الداخل
و لذلك فمن المهم استخدام الارادة الحرة المجردة , فحتي حينما نخطئ , نكون مستعدين لتصحيح أنفسنا من الداخل و تجديدها
و بالتالي سنعيش حياة حقيقية بطلها أنفسنا, و ليس بطلها عرائس ماريونيت تحركها أهواء البشر الفانية ...
12 comments:
انصحك بقراءة الإمام محمد عبده والأفغاني (لن أقول قاسم أمين) ورأيهم الخاص بالأخذ عن "الغرب".
الغرب ليس واحة الأمان أو جنة الأحلام لكنه أيضا ليس حفرة من حفر النار!!!
أتفهم رؤيتك لأمريكا ومقارنة ذلك بـ"المثال" الإسلامي الموجود في القرآن (لا في حياتنا العملية). لازلت مؤمناً بأن للغرب وأمريكا "قيماً" إيجابية فالغرب (أو أمريكا) ليست كلها شراً (أو بالونة) فارغة كما تقولين ويقول الكثير غيرك.
انا لا أقصد ان امريكا كلها كده , بس انا بتكلم عن حاجة موجودة عموما في كل المجتمعات سواء في امريكا او في مصر او في اي حتة
انا بتكلم يا جماعة عن رأي في الفيلم و اللي خدته منها كنظرية للحياة عموما تطبق في كل مكان , فالموضوع مش موجه لأمريكا بالذات لو حد فهم غلط
بالعكش أنا هزعل لو أمريكا اتدمرت , علي الأقل أرحم من اسرائيل لو بقيت قوة عظمي !!
حلوه قصه الفلم مع اني ما شفته
أنا يموت في كيفين سبيسي وبقدره كممثل جداً، ودي من أحسن الأفلام اللي أظهر قدرته التمثيلية فيها
أغرب ما في الفيلم، الخواء والفراغ اللي بيحسه المشاهد على طول العرض رغم الجمال الظاهري للشخصيات وللبيئة المحيطة بيهم. وهي دي على ما أعتقد الرسالة اللي بيبينها الفيلم.
بينما مثلاً كان فيه شخصية الولد المنبوذ، اللي بيقول عنه الأمريكان "freak" اللي رغم عدم كفاءته إجتماعياً قادر يرصد اللحظات الحقيقية من الجمال اللي محدش غيره بيلاحظها. زي الكيس البلاستيكي اللي طاير ف الهوا. وهو اللي نجي ف الآخر بنفسه.
الفيلم شديد واللي مشافوش يشوفه.
تناقض المجتمع الامريكي هو نفسه منتج من منتجات الحرية
والسماح لكل شئ بان يكون يطلق بحرية
الا ان الحرية غير المنضبطة لها اثار سلبية
والديكتاتورية ليس لها اي اثر ايجابية
فكلها سلبيات
واول سلبياتها هو ان المجتمع يمارس نفس سلبيات المجتمع الامريكي ولكن تحت الطاولة
وفي نفس الوقت لا يمارس ولا ايجابية من ايجابيات الحرية
الحرية غريزة فطرية وهبة ربانية
وناتجها منتج بشري يتغير بتغير البشر
الا انها افضل من القهر
فالقهر لا ينتج الا قاذورات
والحرية تنتج الزهور وصفائح القمامة
وهكذا
لا مانع لدي من بعض الصفائح ان كانت الزهور ستبدا بالنمو
فمع الوقت رائحة الزهور ستغلب روائح العفانة ..ولو بعد حين
حلو أوي تعليقك يا بن عبد العزيز
فعلا الحرية بدون انضباط ليها سلبيتها و ايجابيتها
بينما الدكتاتورية و كبت الحرية لا ينتج الا السلبية
صوح صوح :)
تعقيبا على كلام ابن عبد العزيز، و ليسمح لي بذلك إن أراد، فإن الحرية المطلقة فكرة غير كاملة، لأنك بذلك تتجه بالمجتمع ناحية الفوضوية لا الانضباط، و على ذلك فوجب تواجد الشجرة المحرمة، بالتعبير المادي و الفكري للكلمة.. الحرية ليست منقوصة طالما تلبي حاجات الإنسان الأساسية و الغريزية لكن مبدأ الشجرة المحرمة يعطي للحرية قيمتها و يعطي المجتمع انضباطه و أنا أرى أن مبدأ الشجرة المحرمة هذا لم يتحقق في أي نظام فكري أو عقائدي بالكيفية التي تمكن الإنسان من العيش كما ينبغي إلا في الإسلام.. و كيف لا و كل صانع أدرى بصنعته.
ابو يوسف
لم اكن ادافع عن الحرية غير المنضبطة
لكن احيانا لا يكون هناك خيار
وفي حالة المقارنة بين حرية لها منتج سلبي وايجابي
وديكتاتروية ليس لها اي منتج نافع
بالتاكيد الاولي افضل
كما اني اؤمن
ان الحريات تهذب بعضها بعضا
لانها قائمة في الاصل علي الاختيار والاختيار المضاد
وغالبا ما ستضاد بعض الاختيارات
ثم يقوم بعضها بنفي بعض او تهذيب بعض
ثم يتحول المجتمع من حرية تحمل ملامح فوضوية الي حرية لها ملامح منضبطة
المهم الا نخاف من الحرية
فنبقي ف يالديكتاتروية
لان الاولي طعام فيه الغث والسمين
والثانية سم وفقط
انا طبعا شفت الفيلم وشايف انه من اجمل افلام السينما العالمية واكثرها جرأة
وانت عملتي تغطية ممتازة للقصة
بس اسمحيلي اعترض علي وضع مسحة الدين
وتطبيق الفيلم نفسيا علي الشخصية المصرية لان طبعا في فرق كبير ما بين حريتنا وحريتهم وثقافتنا وثقافتهم
حتي ثقافة الدين نفسها مختلفة عن طريقتهم في الحياة
وبالنسبة لكلامك عن حرية الفرد وبطولة الذات انا مقتنع جدا بكلامك
ولو تفتكري قصة جحا وابنه والحمار
واسمحيلي اعلق علي تعليق غادة
اني اول ما سفت الفيلم في المرة الاولي شدني اوي الكيس البلاستك وماكنتش اعرف ان حد ممكن ياخد باله منه غيري
مشهد الكيس دا فعلا مشهد ملفت من مشاهد الفيلم , و يمكن دا يكون من أحسنهم
المشهد دا كان دايما بيفكرني بنفسي في الدنيا دي , و أكيد دا مش رأيي أنا بس
أما بقي عن الاختلاف بين المجتمعين هو صحيح في اختلاف بس أكيد في وجه تشابه من ان في سطحية ما في التعاملات بين الناس و ان الاهتمام بالواجهة الخارجية موجودة , و جايز دا احنا واخدينه من أمريكا
حاكم احنا دايما ناخد الحاجات المنيلة و نقول عليها التحضر
Post a Comment