يوميات رجل حالم10
هذه المرة كان الحلم مزدوجاً نوعاً ما، في بادئ الأمر كان كابوساً، كنت في بيتنا (بيت العائلة)، البيت ملتصق ببيت لأناس آخرين لا أعرفهم، و ملتصقاً هذا يعني التصاق حقيقي، و كأن الحوائط واحدة أو هي كذلك، أي شباك في أي حجرة بالبيت كان يطل علي البيت الآخر، و كان المنظر ليس بالممل حقاً، قصر فخم قديم و عريق، واسع جداً، عرفت ذلك من مجرد خلسة إلى خارج الشباك، مليء بالكثير من الأثاثات الفخمة المليئة بالمنمنمات و المزخرفات على طراز الروكوكو الثقيل، و بما أن القصر قديم فكانت الإضاءة صفراء، فأعطى جواً متلألأ من اللون الأصفر الذهبي، و بما أنني لم أر شيئا كهذا من قبل (فقط في الصور)، كنت أحاول اختلاس النظر دائماً بحذر و بانبهار المستغرب، البيت كان خالياً..دائماً، بالتأكيد قصر واسع كهذا يجب أن يعطي انطباع بالخلاء، شيئا فشيئاً لم يعد يعجبني النظر إلى القصر، بات مخيفاً لي بعض الشيء، و كأنه للمشاهدة و ليس للسكن،... ذات مرة و أنا سائر بالحجرة نظرت إلى القصر من الشباك لوهلة، وجدت شخصاً ملتصقاً بالشباك من الناحية الأخرى ينظر إلى بيتنا، و بالتحديد ينظر لي..كانت سيدة في سن الكهولة، مرتدية السواد، أفزعني وجهها دون سبب، جريت خارج الحجرة، ربما لكي أطمئن نفسي بأنني لست وحدي، أبي و أمي جالسان بالصالة، سألتهم عن سيدة مرتدية السواد تسكن في البيت الملاصق لبيتنا، قالوا أنها جارتنا و يعرفونها، عدت إلى شباك الحجرة، وجدت السيدة تحاول تسلق الشباك، تلهث محاولة حمل جسدها الثقيل المترهل علي ذلك كي تعبر إلى بيتنا، فزعت جداً هذه المرة، قالت لي و هي تبحث عن أرضية تطأ بها علي قدميها لاهثة : (متخافش يابني)، و لكنني خفت، حاولت الجري دون جدوي، أدركت أن هذا كابوس من كوابيس المطاردات، حينما يكون شيء ما يطاردني و أحاول الجري بأقصى قوتي فلا يستجيب لي جسدي، فأظل ثقيلاً معلقاً و فزعاً، أفقت من الكابوس المزعج، أطمئن نفسي أنني في بيت آخر و مكان آخر ثم ارتميت على الوسادة و غفوت ... المشاهد كانت مختلطة، أناس كثيرون، يتلاغطون، يتحركون هنا و هناك، هذا القصر ملك للأستاذ (....)، قد قام بتجنيد جيش خاص به من الشباب الغاضب، هدفهم هو القتل، قتل الشيوخ العجائز و المعاقين و من ليس لهم فائدة من الشباب رجالاً و نساءً، خطر لي أنه بذلك لن يبقي على أحد، ربما لن يبقى سوى الأطفال، الأستاذ (...) كان وسيماًً، في سن الكهولة، لا يبدو عليه الخبل أو الجنون، لا يرغي و لا يزبد، حليق الوجه،و شعره أشيب مشذب... قد قرر صنع يوتوبيا من هذا البلد الخربان، و لأنه قد سئم الإصلاح بالبناء، فقد قرر الإصلاح بالهدم... و ليبدأ بعد ذلك البناء، هكذا يقول بهدوء عاقداً يديه خلف ظهره، قام بالتقصي عن الموهوبين من كل المحافظات، و جلبهم إلى هنا في قصره الفخم الذي كنت أختلس النظرات إليه، كي يبدأوا هم البناء، و لكن قبل ذلك سيكون هناك الكثير من الجهد الشاق لتأسيس المناخ الملائم للعمل .. للبناء، كنت تائهاً، أدركت أنني من الناجين، كانت هناك صفوف طويلة و كثيرة من العجائز المرتعدين، لم أعرف أين ذهبت عائلتي، بدأت الفوضى تعم البلاد، العالم كله تآزر مع الفكرة، صار هناك جنوداً متطوعين من كل مكان، أمريكا، الهند، باكستان، اليابان، أدوار المسنين صارت ثكنات للجنود، أصبح من المألوف أن أرى مذبحة ما و أنا سائر، و أخاف أن يقتلونني، رأيت (إيناس الدغيدي)، كانت من الناجين، تسير أمامي وسط الدخان و الحطام و هي تسب و تلعن، استوقفها جنديان، فيما يبدو كانوا يريدين مضاجعتها، هي كانت متبرمة و لكن تبرم الذي اعتاد علي أمور كهذه منذ زمن، بيد أنهما وجدا فريسة يقتلانها فابتعدوا جرياً و هم يهللون، سمعنا بعد وهلة طلقات تنهمر في كل الاتجاهات، انبطحت على الأرض زاحفاً محاولاً ألا أموت، وصلت إلى الجانب الآخر من الشارع سعيداً بأنني مازلت سليماً و حياً.
اختفت إيناس الدغيدي، لم أحاول البحث عنها، ذهبت إلى بيت ياباني، دخلت من الدور الخامس، وجدت في السلالم تحتي جنوداً أميركان يثقبون رأس رجل في الستينات من عمره، أغمضت عيني .. خمنت أنهم سيسلخون جلد رأسه، فتحت عيني فوجدت أنهم قد قطعوا رقبته فقط، فكرت أن الجنود سيصعدون إلى هذا الدور بعد برهة، دخلت شقة.. وجدت فيها امرأة عجوزاً تشاهد التليفزيون، استغربت للسلام البادي على وجهها، قالت لي أنها تنتظر (تاكيشي) حفيدها، فقد جلبت له مقرمشات يابانية من (كيوتو) التي يحبها، و لكنه لم يأت بعد، أخذت معي ما استطعت من هذه المقرمشات و نزلت من السلم الخارجي محاولاً ألا أخمن مصير هذه العجوز.
وجدت مجموعة من المسلمات المنقبات يسرن و يغنين نشيدا ما، ممسكات بآلات حادة و يلوحن بها، اختبأت حتى ذهب هذا المارش العتيد، مرت سنون فيما يبدو، هدأت الفوضى قليلاً، و لكني كنت أشعر أن الأرض ما زالت تفوح برائحة الدماء، كنت بداخل سيارة صغيرة مفتوحة بها فتايان و ثلاث فتيات، ذاهباً إلى بيتي القديم، وجدنا في وسط الطريق مجموعة من الأطفال منكوشي الشعر يضربون في خروف ضخم، كان ينزف، ترجلت من السيارة وحدي، صحت فيهم أن يبتعدوا و أن يعودوا إلى بيوتهم، سكتوا قليلاً و هم ينظرون لي في شراسة لا تليق بملامحهم الصغيرة الناعمة، بدأ واحد منهم في السخرية مني، أخذ يسخر من بنطلوني الأبيض القذر، و طفلة أخرى سخرت من مؤخرتي الضامرة، قذفتهم بشتائم بذيئة و هددتهم بالركل كي يبتعدوا، تأكدت أنهم قد ابتعدوا، رأيت الخروف يكمل طريقه و هو يئن و قد صارت فروته مشوبة بالحمرة، و عدت أنا إلى السيارة.
اختفت إيناس الدغيدي، لم أحاول البحث عنها، ذهبت إلى بيت ياباني، دخلت من الدور الخامس، وجدت في السلالم تحتي جنوداً أميركان يثقبون رأس رجل في الستينات من عمره، أغمضت عيني .. خمنت أنهم سيسلخون جلد رأسه، فتحت عيني فوجدت أنهم قد قطعوا رقبته فقط، فكرت أن الجنود سيصعدون إلى هذا الدور بعد برهة، دخلت شقة.. وجدت فيها امرأة عجوزاً تشاهد التليفزيون، استغربت للسلام البادي على وجهها، قالت لي أنها تنتظر (تاكيشي) حفيدها، فقد جلبت له مقرمشات يابانية من (كيوتو) التي يحبها، و لكنه لم يأت بعد، أخذت معي ما استطعت من هذه المقرمشات و نزلت من السلم الخارجي محاولاً ألا أخمن مصير هذه العجوز.
وجدت مجموعة من المسلمات المنقبات يسرن و يغنين نشيدا ما، ممسكات بآلات حادة و يلوحن بها، اختبأت حتى ذهب هذا المارش العتيد، مرت سنون فيما يبدو، هدأت الفوضى قليلاً، و لكني كنت أشعر أن الأرض ما زالت تفوح برائحة الدماء، كنت بداخل سيارة صغيرة مفتوحة بها فتايان و ثلاث فتيات، ذاهباً إلى بيتي القديم، وجدنا في وسط الطريق مجموعة من الأطفال منكوشي الشعر يضربون في خروف ضخم، كان ينزف، ترجلت من السيارة وحدي، صحت فيهم أن يبتعدوا و أن يعودوا إلى بيوتهم، سكتوا قليلاً و هم ينظرون لي في شراسة لا تليق بملامحهم الصغيرة الناعمة، بدأ واحد منهم في السخرية مني، أخذ يسخر من بنطلوني الأبيض القذر، و طفلة أخرى سخرت من مؤخرتي الضامرة، قذفتهم بشتائم بذيئة و هددتهم بالركل كي يبتعدوا، تأكدت أنهم قد ابتعدوا، رأيت الخروف يكمل طريقه و هو يئن و قد صارت فروته مشوبة بالحمرة، و عدت أنا إلى السيارة.