Wednesday, February 22, 2006

يوميات رجل حالم3

حلمت هذا اليوم بأختي (ن) ، كنت أسير في فضاء واسع ، كان يبدو لي كفناء مدرسة ، السماء كانت ليلية بلاقمر و لا نجوم ، رأيتها من بعيد واقفة تنظر لي بثبات و علي ثغرها إبتسامة خافتة ، شعرت بالفرح ..هرولت نحوها و هممت بإحتضانها و لكنها منعتني بإشارة صامتة من يدها دون أن تفقد إبتسامتها


خفضت رأسي من الخجل ، اقرتبت مني و قالت لي كلاماً لم أسمعه ، و لكنني استوعبت ما قالته لأنني كنت أومئ برأسي مراراً ، فجأة انتابني إحساس مؤلم هو مزيج من التعب و الحزن و الحنين فبكيت ، بكيت بصوت عال مخفيا وجهي بين يديّ لأنه تقلص مثل وجوه الأطفال حينما يبكون

احتضنتني (ن) و أخذت تربت علي كتفي ..مثلما كانت تفعل و أنا صغير

استيقظت علي أنيني ،كان أنيناً بلا دموع..... بهت لرؤية أختي في الحلم ، لم أرها منذ زمن ..ربما منذ سنة ..كدت أنساها
أنا لا أري عائلتي المصونة علي أية حال إلا لماماً ، الإقامة في مكان بعيد عن الأهل كان جزءاً من الخلاص بالنسبة لي ..كانوا يستنكرون غيابي الدائم بالطبع في بادئ الأمر ..و لكن الإنسان كائن متكيف بطبيعة الحال ...أصبحوا يعاملونني كالضيف حينما آتي إلي البيت ،و الضيف يصبح ثقيلاً إذا أطال الإقامة في بيت غريب ، فلم يوجد -علي حسب ذاكرتي - مشاعر حميمة قد جمعتني بيني و بين أبي و أمي ، لا أدري لماذا ..حينما أحاول تذكرهم تترائي لي خلفية رمادية لا داعي لها
أبي و أمي لا يميزهم أي شيء ، مثال نموذجي لغالبية البشر ..تلك النماذج التي لا تفيدها خمسون سنة - أو حتي مائة سنة- كي تفهم شيئاً ، و ما الذي أريده أن يفهموه ؟.. لا أدري ..أنا أيضاً لا أفهم شيئاً ، دائما مدفوع لأشياء كثيرة دون أن أفهم السبب ، و هذا ما يجعلني حانقاً .. مثلما أكون حانقاً علي ذبابة سخيفة تطاردني بإزيزها المزعج حول رأسي دون مفارقته

فقط (ن) ..هي كيان مميز لن أري مثله .. هي نسمة باردة وسط قيظ الصحراء ..شمس دافئة في سقيع الشتاء المظلم .. نور يضيء نفسي ....اه ، لا أريد وصفها بتشبيهاتي المهترئة هذه ..فقط هي (ن)
اللعنة علي الطفولة ، كل ماهو حدث في طفولتك محفور كاللعنة في نفسك حتي من دون وعيك ، لماذا يغمرني شعور بالحنين هكذا لتلك الأيام برغم أنها في أغلب الأحيان كانت كريهة ؟، لأنها من ذكريات الطفولة ، فذلك سبب كافي للحنين إلي تلك اللحظات
مجرد تذكر(ن) يبعث الراحة إلي عقلي بقدر ما يجلب لي الألم ، تلك المخلوقة التي كانت ملاكاً ينقصه جناحين كي يبعد بهما عن هذه الأرض الدنسة ، كنت أراها تذبل يوماً بعد يوم ... و تقبلت أن تكون إنسانة مثلي و مثل أبي و أمي ،وظلت محتفظة بإبتسامتها الملائكية و لكن مع مسحة من الحزن
كانت لي آمالاً عريضة في فترة المراهقة ...عريضة لدرجة تبعث الضحك أحياناً...من ضمنها حلم آخذ فيه أختي بعيداً ، و نعيش في بيت صغير من الطراز الأوروبي ، وسط مساحات شاسعة من الخضرة .. بالطبع كنت أفكر فيها كحبيبة ..هذه الخواطر كانت تعذبني و تجلب لي كره الذات ، و خاصة حينما كنت أراها في اليوم التالي تحييني مبتسمة و تعد لي الإفطار
اه ..لماذا ذكرتيني بكل هذا .. كيف كان لي الحصول عليك ؟ هل تعتقدين أيتها البلهاء أنك كنت ستجدين من يحبك و يفهمك أكثر مني ؟ كنت سأجعلك تفهمين كيف يكون فخر الأنثي بأنوثتها ..كم كنت أقول هذا في لحظات ما ، حينما كنت أخلع الأقنعة التي أحجب بها كل ما يجعلني أجن
حقا لا أريد رؤيتها مرة أخري
(ن) تتصل بي أحياناً ..تلومني لأنني لم أزرها منذ زواجها بذلك البغل ....تقول لي أنها حامل و أنني سأصبح خالاً ...تري هل هي ستصبح مثل أبي و أمي .. و ربما أنا ، تعيش الأعوام دون أن تفهم شيئاً ؟
أيتها الجميلة، لقد كدرتي يومي كله بسبب حلمك الدافئ هذا ..لم أتصور أنني مازلت أستطيع البكاء هكذا حتي لو في حلم


حلمت ليلاً حينما استلقيت بعد عودتي من الخارج بأنني و (ن) واقفان في نفس الفناء ليلاً ، كانت تمسح لي وجهي المبلول بالدموع بيديها و تغني بطريقة طفولية مثلما كانت تفعل و نحن صغار، أمسكت بيدي و سرنا قليلاً ، نظرت للسماء و فردت ذراعيها و هي مازالت ممسكة بيدي ، ففردت ذراعيّ مثلما فعلت ..و شعرنا بأنفسنا نطير عن الأرض .. وفي لحظات كنا في السماء
ضحكنا وسط السماء الليلية السوداء الخالية من القمر و النجوم ..كان صوت الهواء الخافت مدوياً في أذني ، أمسكت بيديها الإثنين و ظللنا ندور و نضحك
استيقظت في فزع .. قمت من السرير و ذهبت إلي الحمام لأغسل رأسي كله بماء بارد ، كنت أفعل هذا حينما أفكر فيها

نظرت إلي المرآة ..لم أدرإذا كانت هذه القطرات التي علي وجهي دموع أم ماء

Saturday, February 11, 2006

يوميات رجل حالم2




هذا اليوم حلمت حلماً غريباً بعض الشيء ، كنت متواجداً عند منطقة (...) ، وهي منطقة مزدحمة تعج بالكثير من أصناف البشر كما تعلمون ، و تمتلئ ظهراً بالعربات و الميكروباصات إلي آخر الأشياء الخانقة ، و كنت واقفاً في ذروة الزحام لا أفعل شيئا سوي أنني واقف أتلقي خبطات المارين من حولي محدقاً في المزلقان الموجود في هذه المنطقة و كأنني أنتظر شيئاً ما ، مرّ قطار ، و هنا حدث الشئ .. انقلب القطار..عربة تلو الأخري دون سابق إنذار وسط عويل و صراخ الناس ، انتبهت فجأة و أحسست بالفزع و التوتر ، تحركت من مكاني و ركضت مع الراكضين إلي أي مكان بعيد كي لا يدهسني أي شيء ، ثم فجأة هبت رياح شديدة ، اشتدت أكثر لكي تصبح رياح هوجاء تعصف بكل شئ ، القمامات و التراب و الناس ، توقفت عن الركض ..شعرت بأن من الحماقة الركض وسط هذه العاصفة ..و بأنني في أمان ، ثبّت قدميّ في مكاني ، أخذت أنظر في بلاهة إلي المتطايرين من حولي كأوراق شجر، لم يصطدم بي أحد ،رأيت الفزع الحقيقي في وجوههم ، كان صراخهم يغطي صوت الريح
غمرني إحساس بالراحة
بالطبع اندهشت من هذا الإحساس الذي انتابني في الحلم بعد ما أفقت ،لماذا شعرت بالراحة ؟ ..هو كان إحساساً أقرب إلي التشفي ..ممم غريب هذا ، أنا أكره البشر نعم ،و لكن ليس إلي هذا الحد ، أم تري أنني لم أتوقع أنني أكره الناس إلي هذا الحد ؟
اشتريت كتباً كثيرة لتفسير الأحلام ، أعتبرها سخيفة علي أية حال و لكن لا بد لي من قرائتها علي سبيل الفضول
كان هناك كتاباً للأحلام كاد يصيبني بنزيف من سخافته ، في كل تفسير : إذا كنت رجلاً صالحاً فالحلم يعني كذا ..و إذا كنت رجلاً فاسقاً فالحلم يعني كذا
بن سيرين ..همم ..يقول الرياح الشديدة في منطقة تعني فساد أو مصيبة ستعم هذه المنطقة .. كلام لا طائل منه ، لا يعنيني في شيء
لم أعد أنظر في كتب الأحلام ، لا فائدة منها ..لتكن الأحلام عالمي الآخر الملئ بالأحداث
ليس لدي رغبة في النزول للكلية هذا اليوم ..مصروفي بدأ في النفاد..كما أنني سأمرعلي منطقة (...) التي حلمت بها إذا ذهبت إلي الكلية ..من يدري ...ربما سينقلب قطار ما في هذا اليوم

Sunday, February 05, 2006

يوميات رجل حالم1



هذا اليوم قد حلمت حلماً ناعماً و هادئاً ..كنت جالساً القرفصاء و قد لففت فوطة كبيرة عند نصفي الأسفل ،كان المكان مليئا بالبخار.. ثم ظهرت امرأة من الخلف ، لا أدري كيف رأيتها من الخلف و لكنه حلم أليس كذلك ؟
لم تكن جميلة و لكنها كانت الأنوثة بكاملها ، احتضنتني من الخلف و شعرها الأسود المبلول قد التصق بظهري ، الغريب أنني كنت غاضباً منها و هي كانت تحايلني و تهمس لي بكلام جميل لم أسمعه كي أسامحها ... ظللت هكذا دون كلام، أحسست بالراحة و تمنيت أن تستمر اللحظات و لكنني أفقت من الحلم
بالطبع عدت إلي الواقع كالعادة ،ممم ..هذه الأيام أحلم بكثرة ، و بوضوح ..حتي أنني أنتظر ميعاد النوم كي أعود إلي أحلامي الملموسة
أحياناً أشك في وجود الأشياء من حولي ، و لكنني أستيقظ ،وأغسل وجهي فيصطدم بالماء ، أمشي ذاهبا إلي لامكان مصطدماً و متخبطاً و متلاصقاً كي أري لا شيء و أتحدث إلي لاناس ..اه..إلي.. ناس
يقولون أن كل هذا واقع ،إذاً هو ملموس ..بالطبع هو ملموس ، هناك علماء فقدوا حياتهم لكي يثبتوا لنا أن كل هذا ملموس
إذاً لماذا يلاحقني هذا الإحساس الضحل بأنني لا أشعر بكل هذا ؟ حسناً ..ربما هذا الجسد الذي أسكنه يشعر بالمحيطات أما أنا فلا ، هناك أميال تفصلني عنها
ربما هو الروتين ..نعم هو ذلك ..تكرار المشاهد هو ما جعلني أشكك في وجود الأشياء
و بما أنني فقدت الإحساس المعنوي -و ليس الجسدي-أحاول استعادته هكذا في أحلامي البائسة العزيزة
لن أنسي أن أدون هذا الحلم الجميل ، فقط اكتبه الآن كي لا تنساه
أريد أن أنام ..ربما القهوة السادة ستنبهني هذا اليوم