Saturday, June 28, 2008


لقد سمعت تعليقات عدة عن الفيلم "الريس عمر حرب" قبل أن أراه، مثل (فيلم سطحي)، (فيلم قليل الأدب)، (فيلم مشاهد السكس فيه متقدمة يا معلم، ثثثثثث)، و تعليق آخر من سائق تاكسي :(فيلم متخلف)، و بالطبع كان يجب أن أشاهد الفيلم لأن (خالد يوسف) برغم ما يقال عنه، و برغم أنني لست من معجبيه، يستحق مشاهدة أفلامه، كما أنني أملك الكثير من أوقات الفراغ

حينما رأيت الأفيش وجدت إسم (قصة و سيناريو: هاني فوزي)، هنا تغير حماسي كله من صفر إلى عشرة، نظراً لأنني أحببته جداً منذ فيلم (بحب السيما)، طابعه السوداوي القوطي هذا، و اهتمامه بالإنسان كعالم أكثر من اهتماته بالمحيط الخارجي كعالم، كما أن الموسيقى كانت لـ(راجح داوود) و هذا حماس آخر

كان ما سمعته عن الفيلم و ما رأيته شيئا آخر تماماً، قصة الفيلم جيدة جداً، كانت رمزية في مجملها، و تلميحاتها واضحة للعيان ( وفي بعض الأحيان ساذجة بعض الشيء) و أعتبر من الغباء أن لا ينتبه من يشاهد الفيلم لهذه التلميحات

فشخصية خالد صالح (الريس عمر) كان يرمز للإله، فهو رئيس الكازينو (الدنيا (؟))، الذي يقال عنه الأساطير و الحكاوي، سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة، و الذي يتحكم في كل شيء و أي شيء، و يترك أتباعه الموظفين يتحركون ظانين أنهم يتحركون كما يشاءون، و لكنهم في الأصل يتحركون كما يشاء هو، ثم يأتي بعد ذلك العقاب الرادع ، لعلهم يكونون عبرة لمن يعتبر، و تقطر من بين شفتيه الحكمة دائماَ، و لا يخرج منه العيب

ثم هاني سلامة (خالد) الذي يعمل في الكازينو حباً في الكازينو، و يعتبر أنها (متعة) كما قال، و يبتعد عنه خطيبته و ذويه و أصدقائه لأنه يعمل في كازينو فبالتالي ماله حرام، و يعيش وحيداً يحلم كوابيساً عن الترك و النبذ، و تنجذب له امرأتان جميلتان (سمية الخشاب و غادة عبد الرازق)، ثم يعجب خالد بشخصية (الريس عمر)، فيحاول أن يقلده و يتخذ منه قدوة في قدرته على التحكم في الرولات و في الأرقام و قوته و سيطرته

و ينجذب (الريس) لخالد، لأنه توسم فيه الموهبة، فهو مختلف عن باقي الناس الذين يفضلون أن يعيشوا في قطيع، لأنهم يخافون الوحدة و الموت، و الفناء دون أن يذكرهم أحد، و يكرهون من يُتوسم فيه التميز لأنهم يخافون الاختلاف، و هذا ما قاله (الريس) لخالد و أضاف قائلاً : ( أنا بلعب على جزء الخوف في كل بني آدم، عشان هو اتخلق خالد .... بس بيموت)، فخالد يرمز لآدم (النبي) الذي اصطفاه الريس عمر : أنا كان لازم أقسي عليك في الأول.... عشان أشوف معدنك

ثم في آخر الأمر عجز خالد عن التمرد على (الريس)، ويكتشف أن كل ما ظن أنه حادثاً بإرادته كان في آخر الأمر هو إرادة (الريس)، الذي قرر أن يتخذه كإبن، حاضنا إياه بمعزة قائلا: (إبني)

أغلب محتوى الفيلم رموز دينية و فلسفية واضحة جداَ، في إطار سيناريو عميق، و جيد الصنع

و هنا جاء دور خالد يوسف في قولبة الفيلم داخل قالب تجاري (حبشتكناتي) يتحدث عن الكازينو و الريس المجرم الجبار و المزز و الفتى الغلبان الضائع في كل هذا، ليستنكر الناس قائلون (ما هذا الفيلم المنحرف، ما ما مياااا)، بيد أن مشاهد الجنس لم يكن بالكثرة التي تجعله محور الفيلم، و هذا ما يثبت أن (الناس هايجانة و لامؤاخذة و اتلمخت في الآهات و البزاز) فلم يستطعوا التركيز في باقي الفيلم

هناك مآخذ بالطبع منها بعض تأثيرات الجرافيك الساذجة (جدا جدا)، منها مشاهد كوابيس خالد و لمعان عين (الريس) كأنه الجني، كانت أشبه بالكرتون، و هذا لا يليق بقصة الفيلم بتاتاً

و هناك تخمينات أخرى أضفتها مثل أن شخصية سمية الخشاب (حبيبة) كانت (حواء) التي أحبت فعلا خالد و لكنها في آخر الأمر أصبحت من ضمن المتآمرين عليه لأنها لم تستطع مخالفة أوامر الريس عمر حرب

و شخصية (غادة عبد الرازق) هى الأنثى الشريرة آكلة الأولاد (ليليث)، بالطبع لا أستطيع القول أنها تخمينات صحيحة أم لا

المهم أنني سعدت لأن هناك فيلم يظهر في موسم الصيف و يكون مثيراً للإهتمام و جيد الصنع بعيداً عن بلاوي (السينما الهادفة) الكبرى (صفة للبلاوي)، بعد أفلام هنيدي و و ، و آخره فيلم (كباريه)

و بالطبع موسيقى راجح داوود، رائعة جداً

جودة الممثلين تنازلياً : خالد صالح، غادة عبد الرازق، بهجت الجبوري، سمية الخشاب، هاني سلامة