المكان مظلم، إظلام تام مع بعض اللطشات الرمادية و الصفراء هنا و هناك، ظلام مريح لا يخيف المرء و لكن يشعره بقليل من الكسل، و قليل من الصمت، و قليل من الكآبة.
اه .. سامية، أنت هنا إذن، آسف لا أستطيع القول أنني قد اشتقت إليك، و لا أستطيع أيضاً أن أتحامل على نفسي و أحييك، لأنني ـ ببساطة ـ فشلت في محاولاتي لمسامحتك على ما وهبتي لي من حكم جميلة عن لا معنى الحب، أستغرب حينما تمرين على خاطري هذه الأيام، إحساس النفور الذي ينتابني هذا، لأنني كنت أحبك، حقاً كنت أحبك، و لكن يبدو أن الحب فعل أحمق لم يفعل بي شيئاً سوى أنه فتح ذراعي و صدري لتقبل إهانات و حماقات من شخص آخر بابتسامة بلهاء و بألم متلذذ أقرب إلى الماسوخية، أندهش من أن كل هذا اندثر بسهولة في ظرف شهر، شهرين، ثلاثة ؟ أربعة... لا تزيد عن أربعة.
شيء تافه فعلاً، و خادع، و بذلك انضم إلى مقتنيات (الخُدعة) الثمينة خاصتي.
هاأنت تقفين على بعد مترين أو ثلاثة، تبدين مستكينة مثلي في هذا الظلام المريح، و أنا أيضاً واقف، غير مسرور على الإطلاق بلقائك، بل متوجس إلى حد ما.
علمت أنك تكتبين في مدونتي....تقتحمين ما أكتبه، أكاد أرى استمتاعك برد فعلي حينما أرى تدويناتك على مدونتي، تدويناتك التي تبدو أذكى من تدويناتي، نسيت أنني قد أعطيت لك كلمة المرور ذات يوم، بينما أنت لم تعط لي يوماً كلمة مرورك الخاصة...، أهنئك على ذكائك، الآن أنا غاضب و مستاء..... و ليس إلى حد ما
اه، تلك الشجرة المقززة، أعرفها، و أعرف أنك أنت التي زرعتها، و أعلم أنك تحبينها، شجرة صنوبر معلقة بها أرانب ميتة، هل هى مصنوعة أم حقيقية يا سامية ؟ تبدو حقيقية بالنسبة لي،و إلا لماذا هى دامية و متآكلة هكذا ؟.... الآن أنا في حالة حصار محرج.
أشعر بمرارة يا سامية، مرارة حقيقية، الآن أفهم مرارة موظف حكومي أربعيني لا يملك شيئاً و قد ملكته كل شيء، لا يعالج تلك المرارة أي شيء، و قد أصبحت ملطخاً هكذا بدماء الأرانب، يبدو أن جثة ما مازالت فيها بقايا الحياة، تعضني من صدري الأيسر، توجعني و لكنني من شدة التقزز لا أستطيع الحراك، و لا أستطيع أن أمد يدي، لا أرى نفسي و لا أريد أن أراها ... أنت، أيتها الفتاة الطيبة، ماذا ترين ؟ لماذا تنظرين باستغراب ؟ و لماذا أصابك الهلع و أنت تنظرين إلى صدري الأيسر؟ ماذا هنالك ؟ رأس أرنب؟ أم ماذا ؟؟ أرجوك قولي لي.
أفقت من نومي، شاعرا طوال اليوم بألم المعضوض في صدره الأيسر
....................
صاحب اللوحة
Edvard Munch- Blossom of pain -1898