هذه الأيام أشعر بأعراض غريبة تعتري جسدي .. و ربما عقلي أيضاً ، أشعر بأنني لا أنام بما فيه الكفاية ، برغم أنني أنام لساعات طويلة فوق المعدل العادي ، أفيق و كأنني كنت أجري و ألهث طوال الليل ، أفيق من النوم لأكتشف أنني كنت فاغراً فمي طلباً للهواء ...، وأحياناً أجد بقع من لعابي علي المخدة و علي وجهي ،جسمي يؤلمني ، ربما ذلك أمر طبيعي ، و لكن مناطق معنية من رأسي صارت تؤلمني و كأن هناك كدمات متفرقة فيها ، أبحث في فروة رأسي باحثاً في المرآة عن أية كدمة دون جدوي ، ..وفي بعض الأحيان أفيق أيضاً لأجد نفسي ماداً يدي للاشيء ، كأنني أستنجد بشخص ما ..أو كأنني أمنع كائناً ما من أن يجثم عليّ كي يقتلني ... وفي هذه الحالات أفيق متكدر المزاج و يعتريني إحساس من الضيق يدفعني للحك و الهرش
نعم ..أصبح إحساس الضيق يدفعني لحك جسمي ، و خاصة وجهي و ذراعي ، غالبا هي وسيلة جديدة من وسائلي للتنفيث عن ضيقي الذي صار لزجاً بشكل لا يطاق في هذه الأيام ..الثنائي الكريه ..الخواء و الضيق ..، أراهم في كل مكان أذهب إليه متمنياً ألا أجدهما دون جدوي ، في شقتي الحقيرة .. في رفقاء الملل .. في فيلم ..في فتاة بضة أتحسسها ..حتي في الحمام ...أريد أن أهرب من هذا الإحساس الكريه..ولو في أحلامي ..حسناً .. حرصت الأمس أن أنام في وضع مريح لا يؤلم رقبتي و الكدمات الوهمية التي في رأسي
وجدت نفسي في الحلم في طريق سفر صحراوي ، كان خاوياً و صامتاً بشكل ملفت ..الصحراء كانت غير نظيفة يشوبها أقدام ووساخات البشر ،وجدت نفسي ممزق الثياب و حافي القدمين ..شعرت بسخونة الأرض في قدمي ، كنت أنظر للسراب البعيد ، وجدت كلب ما قد دهسته عربة سريعة ، فجأة جريت بكل قوتي دون سبب ، تعثرت ووقعت ، ظللت جالساً برهة ثم رأيت فتاتين يأتيان من علي بعد مسافة معقولة ..اقتربا منّي و لكنهما لم ينتبها لي ..كانت واحدة منهما الكمد واضحاً علي وجهها و الدموع متجمدة في عينيها ، و كانت الأخري تمسك يدها و تضم ذراعها بيدها الأخري قائلة :(لا تقلقي ، سنسافر غدا )،مرّا من أمامي و هما كذلك .. شعرت بالضيق و الكمد ،و دفنت رأسي في يأس و أنا أئن ، لمست وجهي الرمال الحارقة ..تمنيت لو أحترق و أختفي بداخلها
رفعت رأسي فوجدت عربة بيضاء فولكس ، كانت تقف بجانبها أمي تبتسم لي ، هممت بالذهاب إليها و لكنني حينما قمت لم أجدها ..جلست وراء عجلة القيادة بداخل السيارة و قهقت فجأة دون سبب منتظراً شخصاً لن يأتي