فرج في حياتي
كنت أتحدث مع ( هـ ) عن أحداث الإعتقالات التي وقعت منذ وقت قريب ، و خاصة عن المدونين الذين أعتقلوا ، حاولت تخيل المعاناة التي يلاقونها هناك .. المعاناة .. المعاناة .. ظللت أتخيل و لكن خيالي لم يسعفني ، ربما لتجربتي المنعدمة تقريبا بهذا الصدد ، أو ربما لأن المعاناة موجودة في كلتا الحالتين سواء بالسجن أو بالخارج ـ و إن كانت بدرجات متفاوتة ـ فاختلط الأمر
قلت له علي سبيل التهريج ـ و لكن فيه بعض من الجدية ـ بأنهم بذلك ربما سينجون من الإمتحانات هذا العام ، و أنني أحسدهم قليلا علي ذلك ـ بالطبع لم يُضحك الأمر (هـ ) ـ و تخيلت إذا كنت أنا التي سجنت ، قلت و لم لا ؟ سأخوض تجربة جديدة و أري أناس جدد ، و حياة أخري تكون ( وراء الشمس ) علي حد قولهم ، هنا نبهني (هـ )المخضرم عن إحتمالات ما يمكن حدوثه داخل المعتقل ، فذكرني بسعاد حسني في فيلم ( الكرنك ) ، فتذكرت (فرج ) العتيد بكرشه المتين و رائحته الزنخة (و ما أدراني برائحته ؟ )
اه ... لقد نسيت هذا الجزء تماماً ، فعلاً يمكن أن يحدث لي شيء كهذا ...بل غالباً سيحدث إذا سجنت ، و خاصة إذا كنت من مسجوني المعارضة
انتهي الحديث .. و لكنني ظللت أفكر في الأمر برهة .. هناك خطب ما .. و هو أن رد فعلي تجاه موضوع ( فرج ) ليس بالأمر المهول ...و لم يكون مهولا؟ إنها مصيبة مثل كل المصائب ، تحدث لأي إنسان ، و خاصة لو كانت خارجة عن إرادة المرء
و لكن ألن يصيبني صدمة عصبية ما ؟ أو إكتئاب مزمن .. ممم .. الإجابة لا .. غريب هذا ، و لكن لماذا ؟ .. لأن إحساس الموت اليومي و الرتابة خلق في نفسي نوعاً من الإنفصال .. الإنفصال عما يحيط بي ( السرحان باختصار ) و هذا غير مفيد غالباً بل و مؤلم في أحيان كثيرة ، و لكنها تفيدني في المواقف الصعبة ( عند طبيب الأسنان مثلا ) فبالتأكيد هذا النوع من السرحان سيفيدني في مثل هذه المواقف
نقطة أخري أكدت لي أنه ـ فرج ـ ليس بالشيء المفزع ، فبشكل ما ألاقيه في كل مكان تقريباً ، لا أدري و لكنني أكاد أشعر به متربصاً بي (و أحيانا بما حولي) .. في قاعات المحاضرات ، في الشارع ، في محل ، في البيت وسط العائلة المبجلة .. لا مهرب من فرج العتيد علي ما يبدو
إذا ما الفرق ؟ .. ليس بالكثير كما ترون ... الكرامة مهدرة علي أية حال