Saturday, July 22, 2006

يوميات رجل حالم7

أثناء طريق سفري في القطار ... أحاول ألا أنام ، كي أتجنب الحلم ، فهذه الأيام كثرت كوابيس أفيق منها باكياً بلا دموع، و قد صارت تلك الكوابيس ذات موضوع واحد و لكن بطرق تناول مختلفة ـ كنوع من تجنب الملل ـ والموضوع الوحيد المتناول هو العجز .. العجز بكل أشكاله و أنواعه و أحجامه ، العجز الذي يجعلني أصرخ في استهجان أصدم رأسي في أقرب حائط أو أقرب أرض أجده في المكان .. أصبح طفوليا إلي حد ما، هو كابوس واقعي ...تفضح مخاوفي التي أحاول أن أخفيها دائماً وسط طيات أحداثي اليومية .. و برغم أنني أكره تلك الكوابيس و أخافها .. إلا أنني أجدها مضحكة أحياناً
فالأحلام نوعا ما .. وسيلة أخري من وسائل التفكير .. و لكنها لاإرادية ، إذا لم أجد وسيلة لتفريغ ما في نفسي فلا مفر لي من أن أحلم مراراً و تكراراً
جلس بجواري رجل عجوز ، لطيف المعشر .. أعطاني كوباً من الشاي المعطر بالقرنفل ، في المقابل ظلّ يتحدث معي عن أشياء كثيرة لا أتذكرها و أرد عليه ردود لم أتذكرها ، أخرجت كتاب أقرأه كي يسكت و لكنه بدأ في مسار آخر للحديث عن هذا الكتاب .. استأذنته كي أنام قليلاً في آخر الأمر
حلمت أنني بداخل قطار..و لكن قطار صغير.. أشبه بعربات السرفيس أو المشروع .. أستطيع أن أري من خلالها ما بالخارج من قضبان بوضوح ، أدركت انها قضبان مرتفعة عن الأرض مسافة بعيدة ... ربما كنت في منطقة جبلية
كان بجانبي رجلاً ممتلئ الجسم محمر الوجه في الخمسينيات من العمر ، أخذ يحدثني عن نفسه و عن الأماكن التي نمر بها طوال الطريق ، ثم تباطئ القطار في سرعته حتي كاد أن يتوقف .. ترجل الرجل السائق فوق قضبان الإتجاه الآخر .. ألقي التحية بصوت عال ودود و غادرني
أغلق باب القطار ، لاحظت أنه كان مفتوحاً طوال الطريق .. تحرك القطار مرة أخري .. ظللت جالساً لا أدري ماذا أفعل .. عاودني الشعور بالعجز .. بدأت السرعة تزداد شيئا فشيئاً ، شعرت بالتوتر ، ثم الهلع حينما وجدت أن القضبان تؤدي إلي منحدر عميق .. قلت بفزع : و لكننا لسنا في ملاهي ، سمعت ضحكة رقيعة لا أدري من أين أتت
أفقت من نومي لأجد نفس القطار البطئ كالموت يهتز يمينا و يساراً ... و رقبتي الملووحة تؤلمني
كان الرجل الذي بجانبي جالساً يأكل التسالي .. رآني و قد استيقظت ، أعطاني بعض اللب و بدأ في التحدث عن كلام كثير .. شعرت أنه رجل ليس بهذا السوء
لا أذكر متي غفوت ، و لكنني كنت في حجرة بيتية ذي سقف عال ، جالسا علي حافة سرير كبير و أمامي امرأتان ، أحدهما شمطاء ذات عوينات سميكة تعقص شعرها إلي الوراء و بجانبها من ناحيتي ابنتها الشابة ، حينما استدرت إلي يميني أدركت ان الحجرة بثلاث حوائط فقط ، حيث أن الضلع الرابع للحجرة يوصل إلي مكان ضيق في شارع مظلم ينيره عمود نور خافت الإضاءة
المرأة الشمطاء .. ثرثارة و ضحوكة ، تحكي عن ابنتها كيف كانت تحبو و هي رضيعة ، و كيف كانت ترضع من ثدييها الضامرتين ، و تحكي عن مواقف كثيرة من طفولتها المفترض أنها مضحكة
كنت أتلقي كل ذلك بابتسامة بلهاء ، ناقلاً بصري بين المرأتين ... كانت جميلة.. الإبنة
نظرت ناحية اليمين حيث المكان الضيق المظلم ، كانت هناك فتاة تجثو علي ركبيتها أمام فتي و تتحسس جسده بفمها
ظللت أنقل بصري بين هذا المنظر و بين المرأتين ، و أتساءل إذا كانا يريان ما أراه ، انتقل مسار الحديث إلي أيهما تدخن بشراهة .... ابتسمت ببلاهة لحماسهما في الحديث
نظرت لي الإبنة بإمعان فجأة ، استدارت إلي الأم .... قامت من مكانها و أمسكت بيدي كي أقوم أنا أيضاً .. قادتني برفق كأنها تقود طفل ضائع إلي ذلك المكان الموجود في شمال الحجرة .. حيث المكان المظلم ، كانت الأرض مبللة تعكس الضوء الخافت ... و الفتيات تغازل الفتيان و الرجال
سرت بي قليلاً ، ثم انحرفنا إلي اليمين ... دخلنا طريق ضيق بجانبه مصطبة عتيقة .. جلسنا عليها ، جاءت إلينا فتاة بمريلة .. وشوشت إليها الإبنة قليلاً ، أومأت الفتاة و غادرت المكان
أحسست بالضغط علي يدي ... أحسست لوهلة أنني فتي تغرر به فتاة ... بدت لي الفكرة سخيفة ، بيد أني وجدت نفسي أسألها في توجس : لماذا أتينا إلي هنا ؟ ، قالت و هي تربت علي يدي الممسكة به بأننا لن نتأخر كثيراً ... تجنبت النظر إليها ، فكرت في الهروب
أفقت من نومي .. تذوقت الحلم فبدا لي طعمه كريهاً .. طلبت شاياً من رجل مار ، أنذرته أن الشاي بدون سكر .. و لكنني وجدته يقلب ثلاث ملاعق من السكر ، قلت له بغضب ناعس : قلت لك بدون سكر .. نظر لي في بلاهة .. ربما أكون قد حلمت أنني أنذره .. أخذتها منه صامتاً
نظرت إلي النافذة ... وجدت الشمس قد بدأت تشرق .. بُهت من هذا المنظر .. فأنا لم أر شروقا منذ زمن بعيد ... ربما لم أره من قبل
ظللت أنظر محاولا ألا أنساه مثل باقي التفاصيل

19 comments:

Ghada said...

شوفي يا بنتي انتي أقرب الناس ليا في الواقع

وكل شوية بتدهشيني وتحسسيني إني معرفكيش

وبتأكدي لي فعلاً إن العالم ده ملوش شكل ولا لون محدد، إنما هو فعلاً على حسب اللي بيشوفه، لأني كنت معاكي في بعض المواقف اللي انتي مستوحية منها القصة، والموقف بالنسبة لي كان شكله مختلف تماماً

إنتي عالم يا بنتي، عالم مميز وغريب

وعايزة أقول لك، اسلوبك في الكتابة كل شوية بيتطور، انتي بقيتي لا يستهان بيكي يا بت انتي

رغم انك كئييبة، حطى لي جثة يا مجرمة!!! اهي اهي

Khalid said...

oneday i am gonna marry you because of these posts you write!
haha:*)
me*

هوميروس said...

تعرفي من اكتر الحاجات اللي بتعجبني عندك التفاصيل الصغيرة اللي بترسم الصورة بشكل جميل زي اغلق باب القطار الذي كان مفتوحا طوال الطريق
في حاجة كده مش مريحاني الكلام اللي بيبقي باللغة الفصحي الفصحي اللي قوي يعني زي تقصع شعرها الي الوراء تقيلة اوي في ودني هي كانت موجوده عندك في البوستات اللي قبل كده انما الدور ده مش متقبلها
الصورة الموجودة تقيلة اوي برده
ملحوظة علي جنب:التعليق بتاع فنجان اللي علي البوست اللي فات عاجبني اوي

Anonymous said...

ارى ان الموضوع وصل الى درجة يجب ان تتوقفي عندها وتحاولي حل الازمة. وصلت الان الى الحلقة السابعة, وكلها تتحدث عن احلام غير مريحة!! كلنا يرى كوابيس ولكن ليس لهذه الدرجة. لذا اقول ان نفسك غالية فلا تهمليها, وانظري اي الحلول التي تحبين والجأي اليها بعد الله. وان شاء الله ربنا يشفيك

mindonna said...

غادة : مرسي يا غدغودة علي كلامك ، و لاون مش عارفة هو مدح و لا ذم ف حتت كتير :)

جرار : صحيح ؟كويس كده هتنقذ شابة من العنوسة :)

هوميروس : مممم طب لو تقصع شعرها إلي الوراء لغة فصحي فصحي
صدقني دورت علي كلمة تانية مناسبة بس مش لقيت
يعني برده مش اقدر أقول تلم شعرها إلي الوراء برده يا هوميروس
هي الصورة تقيلة اه .. بس انا شايفة انها لايقة عالبوست
حتي انت بتقول ان البوست تقيل و الصورة كمان تقيلة :)
تعليق فنجان عجبك ...همم.. افهم من كده
ان كلكو علياااا و لا ايييه
صدقني انا بكتب اليوميات دي كقصة
مش فيها مني كتير .. و طبيعي ان الواحد يكون له سلبياته
خلاص المرة الجاية هعمل حاجة كوولها بمبي بمي
:)

سنمار : يا سنمار أنا بكتب من غير مفكر في أي حل ..
لأنه عمل أقرب إلي العمل الأدبي .. و ليست مشكلة شخصية
آمين

i love you said...

mindonna

هو انت
مريضة ؟؟؟؟

انا
ماكنتش
عارفة

روحي
عالجي
نقسك

ربنا يشفيك
ياااااااااااااااا رب

Solo said...

كابوس مثالى لرجل حالم

mindonna said...

سيجارة : هو انا كنت بتريق بصراحة
أصل الأخ سنمار جاي يقول إن شاء الله ربنا يشفيكي ،أرد عليه أقوله ايه كإن انا ف باب اعترافات حواء جاية أحكي مشكلتي مع الكوابيس
مكنتش متوقعة انك تاخديها جد يعني

عموما انا مستمتعة بان انا بكتب اليوميات دي ... اللي مش عاجبه البوست مش ييجي يتكلم عني كإنه الفهيم
أحــــــــا

سولو : مش كده و النبي
أهلا بيك :)

الغريب : شفت بقي طلعت بنوتة
بس يعني ايشعرفك ان انا الأخت الصغيرة مش جايز ابقي أكبر منك يعني :)
كويس ان البوست طلعك من حالة نفسية سيئة
بس انا مش بحب إحسان عبد القدوس :)

i love you said...

انا كنت
بتريق
عليه
مش
عليكي


ليه
كده ؟؟؟؟

حتى البوست
اللي
كتبتو
في
مدونتي
كان
تريقة
عليه

!!! غريبة

ayman_elgendy said...

أختلاط الحلم بالحقيقة .....المزج

التيمة دي فكرتني شوية ب

vanilla sky

رائعة


تحياتي

إنسان || Human said...

أعتقد ان دي مش أحلام خالص دي كوابيس سوداء .........لها مذاق من الرهبه
أتمنى زيارتك لي قريبا.........
HUMAN

Anonymous said...

رائع ما كتبت
أحيك على أسلوبك الرائع
و أشكر الصدفة التي قادتني إليك

الأميره أوسه said...

لا بجد بجد كلام حلو أووى

mindonna said...

سيجارة : و لا يهمك يا جميل
سوء تفاهم :)

أيمن : بحب الفيلم ده جدا
تحياتي

هيومان : مش عارفة المرة دي محستش انه كابوس
مووش موشكلة

طازارت : شكرا علي كلامك :)

أوسا : شكرا أووي

شغف said...

هوه بالرغم من ان
vanilla sky
فيه التيمة دي بشكل ما ، لكن اختلاف شاسع ما بين الجوين


مشكلة يوميات رجل حالم يا ميندونا انها محتاجة فعلا تبقى على بعضها
ومحتاجة كمان تتنشر بعد مراجعة يتشاف فيها الخطوط الرئيسية و يتعمل لها الرتوش اللازمة

خسارة تخليها مجرد بوستات منفصلة
ده عمل متكامل
و أصيل
و محتاج اهتمام منك ليه أكتر من كده

mindonna said...

انا هجمعها أكيد ف يوم ما يا شغف
بإذن الرب يعني

شكراتون

BaTresYa said...

جميل اوي الاسلوب فعلاً بسيط وحلو بس ليه مش بتحبي احسان دا انا بموت فيه عموماً ووجهات نظر وانتظر جديدكـ

Anonymous said...

I have been looking for sites like this for a long time. Thank you! »

Anonymous said...

Looking for information and found it at this great site... » »