أكليشيهات إنسانية
استيقظ علي نور الصباح الشاحب يدخل من الشرفة ...برد الصباح يتعب صدري و أوصالي .... أتذكر من أنا و أين أنا ،ثم أعود إلي واقع بأن قد وجب الذهاب إلي كليتي المبجلة
أغسل وجهي و ألبس في عجل ، وسط ذلك كله أسمع شكاوي أمي الصباحية ، دائما تشتكي من شيء ما ... تشتكي من الأطباق المتسخة التي لم تغسلها بناتها ، من أخي الذي يعود متأخرا دوماً ...من أي شيء ..فقط تختلق الشكاوي
و أكثر ما يستفز أمي هو أن تري شخصاً هادئاً حينما تكون غير رائقة المزاج ، و بما أن العبدة لله دائما هادئة من الخارج فقد أنال من الكلام المعسول قبساً : تخاطب أبي :
-ولاّ بنتك دي اللي مش بتروّق حاجة في البيت
-فالحة بس تكوملي في كتب و جرايد
أنا : ماما ...مالكيش دعوة بالكتب دي ، أنا هلمها في كراتين و أتكفّل بيها
-طب روحي ياختي تكفّلي بالكبّاية اللي بتشربي فيها الشاي حتي و تغسليها
بالطبع لا أعلق بعد هذه الكبسة فأهرول مسرعةً ناحية الباب و أحاول ألا أصفقها ورائي
*********
في السنتين القادمتين قد عزمت أن أذاكر فيها بجد ، ليس من أجل عيون كليتي الفخيمة ، و لكن -علي الأقل - كي أحصل علي بكالوريوس تقدير (جيد ) حتي ..
و لكن ليس نيل المطالب بالتمني...
-أنا : بت يا (ن) انتي فاهمة حاجة من اللي بتقوله الست دي ؟
-ن: يعني .....طشاش
وأحاول التركيز مراراً، و لكني أروح في غيابات أخري دون غيابات (الكيمياء الطبية)، و قلمي يتحرك علي الأجندة لكي يرسم فتاة ملولة
تباً....التركيز التركيز التركيز
? أين أجدك
***************
ن تحب معيداً أحمقاً في الكلية ، لا أدري كيف تحب رجلاً ثقيل الظل هكذا ...و حينما تتكلم عنه بوله و تزعج (أنفاسي )أقول لها متفزلكةً:
صحيح ... و للناس في الحب مذاهب
و العبدة لله في حد ذاتها لا تري سوي معيداً معتد النفس( فرحان بنفسه يعني )و يبدو أنه كان يعاني من عقدة نقص ما
فذاكر بجد كي يعوض هذا النقص فيصبه بعد ذلك علي طلابه المساكين أمثالنا في المستقبل
أقول لها ذلك ،و أضف بـأنني قد رأيته و هو يأكل ( سندويتش الطعمية ) و كانت الطعمية عالقة في شاربه فكان شكله مقززاً للغاية
و لكن الحب ليس له حدود ....مثل الحماقة
*******************
أخرج من كورس التعذيب المسمّي ب( المحاضرات) و أذهب لشراء القهوة ، أري ولداً صغيراً يبيع المناديل ، أراهم دوما في كل مكان ، تري هل شعروا يوماً بإحساس الأمان في كنف الأب و الأم ؟ أم أنه لم يتعرف يوماً علي شيء كهذا ؟ و لماذا يأكلهم الضياع و هم مازالوا أطفالاً هكذا؟
تملكني الغم ...مثل كل يوم
********************
أري سجائر الفتيان تشتعل من حولي و يشتعل صدري معها ، فسجائر النهارأفضل من سجائر الليل أحياناً ، اااااخ ياني يانا
أرمق (ي) و هو يدخن سيجارته ، و أتساءل تري ماذا سيفعل إذا أخرجت سجائري و أشعلتها حالاً ؟
-يا (ي) معلش ، روح دخّن بعيد
-إيه؟...ليه .
-أصل أنا بكره ريحة السجاير
*********************
حوار قصير مع العرف و التقاليد :
أنا : انت يا معفّن انت
العرف و التقاليد : مين ؟ ...أنا ؟
أنا : أمال أمّي ؟!!
ع: أي خدمة يا ست
أنا : ياوش المصايب ، يا أساس كل مشاكلي ، يا أصل العُقد كلّه
ع: لأ لأ ، أنا مسمحلكيش يا آنسة ...من فضلك ، أنا ماليش ذنب ، الناس هما اللي عملوني كده ....أعمل إيه ؟ مش أنا اللي خلقت المشاكل ، أنتو اللي خلقتوها
أنا : عجبك كده ؟ أنا كمان هيجيلي بسببك مرض الإزدواج و الرياء !!
ع: يبقي دا برضه ذنبك انتي ، انتي بتدخني ليه طيب ؟ انتي اللي غلطانة ! ثم انتي جبانة ، متعترفيش ليه و تخلّصي نفسك ؟
أنا : مانتا عارف اللي فيها ، الله يخربيتك
ع : برضه بتغلطي ، يا آنسة الناس بتبرر نفسها بيّا و تعمل اللي هيا عايزاه ، الرجالة تعمل اللي هيّا عايزاه بإسمي ، و الستات تتسرفل في عباءات الحياء عشان تخفي فضايحها ...بإسمي برده !!، أنا من صنع بشر يا روحي ، أنتو بابا و أنتو ماما ، احمدي ربنا انها جت عالتدخين يا شيخة ، في أنيل منك كتير
أنا : مش قعدالك فيها و حياة أبوك و أمك
ع : يا حلولو....انتي متقدريش تهربي مني برده ... ازاي تمشي كده علي طول ؟ باباكي و مامتك هايسيبوكي يا قطة ؟
**************
أسير في الزحام عائدة إلي (شبه)البيت ،أناس كثيرون من حولي يمرون أمامي ، كل له خاطره و همومه وأفكاره ، و كل واحد منهم هو بطل كونه
ويحك أيها الكون ....لماذا تستغفلنا هكذا ؟
*****************
أصل إلي البيت ، أذهب إلي الحجرة و أهوي علي السرير و عينيّ مسمرتان علي أي شيء،و أجد نفسي أردد هذا السؤال الساذج الأبدي :
-هي الدنيا وحشة كده ليه يا رب ؟
أتذكر أياماً كانت الإبتسامة لا تشوبها شائبة ، و أخطط لأشياء وهمية أفعلها في هذا اليوم ....و أنام