Monday, December 12, 2005

كوكا

هل كنت تتمني أن تكون شخصاً آخر غير نفسك ؟
سؤال ربما أكون سمعته في مكان ما عدة مرات ،تقليدي لكنه شيق نوعاً لمن يكرهون جلدهم مثلي ، و بالتأكيد يستنكر هذا السؤال و يأنف منه المعتدون بنجاحهم في الحياة
حينما يخطر في بالي هذا السؤال المهترئ لا أتخيل نفسي في قصر مزخرف مثلاً و حولي كل شيء ، أو حسناء مستلقية و حولها الجواري واحدة تطرقع لها أصابع قدميها ،وواحدة أخري فوق رأسها تمسك لها مروحة من ريش النعام وواحدة بجانبها كي تسقي لها ماءً بارداً ممزوجاً بماء الورد
ممم..لا بأس من العيش بهذه الطريقة إسبوعاً واحداً علي أكثر تقدير،هذا النوع من الحياة ممل جداً ،ومثل هؤلاء النسوة ليس أمامهن سوي الإنحراف لكي يحظين ببعض المغامرات
في الحقيقة يوجد لي بالفعل نموذجاً كنت أريد أن أكونه ، و ربما هي كامنة بشكل ما
حسناً...هي تولد لقيطة ، من مواليد الثلاثينيات من القرن العشرين بالقاهرة ، حيث لم توجد الأدغال البشرية في هذه المدينة بعد ، تتربي في ملجأ ما ، تتعلم منذ البدء أن الحياة قاسية و قذرة ..و بأنها مليئة بكثير من الأوغاد و بقليل ممن يميلون لفعل الخير من حين لآخر، مسترجلة كثيراً..تعشق الدخان..و تهرب من الملجأ بعد بلوغها الثامنة عشر من العمر بشكل ما بعد تسلسل الأحداث تتزوج من رجل نذل إلي حد ما ، تفتح معه مقهي بلدي بعد رحلة طويلة من الإدخار (كان مازال من الممكن إدخار المال) ،وبما أنه رجل نذل و كسول فستتولي هي أمر المقهي ، و زوجها يصبح من الذين لا
يفيقون إلا في المواسم و الأعياد

وتصبح المعلمة (كوكب) ، ذات ذراعين ممتلئتين مثل ممن يقولون عنهن (خرساء الأساور)،و يديها الكبيرتين الخشنتين تنمان عن طيبة قلب مغلفة بقسوة و خشونة من أجل ضرورات الحياة ، تتمني من حين لآخر لو كانت امرأة وديعة تستقر في بيتها مستكينة وراء ظل زوجها و سعيدة بأطفالها مستريحة من العناء ،بيد أنها مستمتعة نوعاً بهذه القوة ، و برجالها (أو أنصاف رجالها أياً كان)الذين يثقون فيها ويطيعونها

كانت تعتقد بشكل ما أنها لن تستطيع إكمال هذا العمل الذكوري ، وأنها ستسقط حتما في يوم ما ، و لكن يبدو أن الحياة أحياناً تدفع المرء إلي إخراج ما لم يكن في الحسبان من داخله ، تفكر المعلمة (كوكب) في فلسفة الحياة و هي تدخن الشيشة الصباحية في استمتاع و تقذف بالشتائم في ود هنا وهناك...

ربما تنجب المعلمة (كوكا) ابناً قوياً مثلها ، ستحاول أن تعلمه،ولكنه سيكره التعليم و الدراسة والتقيد ، وسيميل إلي حب التشرد...

يرث المهنة منها ، وإبنها يحبها و يعتني بها في الكبر..تطمئن المعلمة (كوكب)..تذهب للحج لكي تصفي بدنها و روحها من بذاءات حياتها الطويلة ، تعود بالطرحة البيضاء و السبحة الكهرمان وتستغفر لذنوبها و ذنوب زوجها النذل الذي مات منذ زمن ...ثم تلحق بالأموات في هدوء
ياسلام ..حياة مسلية جدا(هو يصلح فيلم رديء)..و أحياناً أصدق بالفعل أنني (كوكا) ،فتتغير سحنتي و نبرةصوتي،وكتفي المرخيتين تقوي
اللحظة التي أشعر فيها دائماً بانحدار المنحني ، هو حينما أتذكر من أنا و أين أنا و ما يجب عليّ فعله ...وهذا الأمرلا يريحني أبداً ...أبداً !!
إسم (كوكب) كانت لعمة جدتي والتي كانت تتحدث عنها بإعجاب قائلة أنها كانت تقيم في القاهرة في بيت كبير،وتستضيف المثقفين و صفوة القوم (بالطبع قبل الثورة) ،و كانت تدخن سجائر من علبتها الخاصة
لفت انتباهي الإسم أكثر من الشخصية ،وهنا تكفّل خيالي الملول بصنع شخصية كوكب
أخاف في مرحلة ما تصبح فيها تخيلاتي هي الواقع ، وواقعي هو الخيال ، فأعتبر وجودي علي وجه الأرض كابوس أحاول أن أفيق منه بالهلاوس
قد يكون حدث هذا بالفعل..إذاً..لنأخذ أجازة قصيرة يا (كوكب)..أنت تعلمين..الإمتحانات علي المشارف

15 comments:

HERA said...

ايه الجمال ده!!!؟؟؟
البوست ملزلز يا مايندونا ده اتخن من دراعات المعلمة كوكب

بس انتى لو كنت عملتيها حلقات واسهبتى فى التفاصيل كانت هتتطلع منك حاجات جامدة

""أخاف في مرحلة ما تصبح فيها تخيلاتي هي الواقع ، وواقعي هو الخيال""
هيه مسيطرة عليكى اوى كده؟؟؟؟؟
ممكن تخرجى من هلاوسك دى بأنك مثلا تلبسى جلابيه وطرحه سوده ومنديل بأويه وتروحى على أى قهوة وتطلبى شيشة
وأهم حاجه تكون معسل مش تفاحة لحسن يقولو عليكى معلمة فرفورة

هتحسى انك كسرتى حاجز الوهم وياريت الكلام ده يكون بسرعة هاه

mindonna said...

فكرة تحفة
صحيح ليه مفكرتش أعملها قبل كده

شكرا يا هيرا
;)

Khalid said...

تسك تسك تسك...
حرام عليكي يا هيرا!!
انا اقتراحي تحاولي الجزء التاني, تروحي للحج و ترجعي بالطرحة البيضة و السبحة الكهرمان!
:)))
انا عندي قناعة يا مايندونا, ان الناس الساخطين على حياتهم لا يشكون حقيقة من نقص التفوق او انفتاح افاق المستقبل كما يظنون, بل على الاغلب قلة الرضى بما يملكون, و الرغبة في ما لا يملكون, قارني حياتك, طموحاتك و يومك, بحياة و طموحات و يوم اي بنت في عمرك في العراق مثلا, ستجدين ان هناك على الاقل 10 اشياء في حياتك هي نعم عظيمة تحسبينها تحصيل حاصل و غيرك يظنها قمة السعاده, كابسط مثال: الامان! هل تتخيلين العيش في بيئة يستحيل فيها الخروج كبنت دون ابوكي الذي يتحزم بمسدسه الجاهز للاطلاق في حزامه؟ ان يكون اي شخص تحبينه معرض للتفتت باي لحظة بسيارة مفخخة؟ ان تكوني مضطرة لرؤية سيارات عسكرية امريكية تحتل بلدك, فيها جنود قذرون ينظرون اليك نظرة دونية؟ هذا كله تحت مصنف "الامان" و انا اراهن ان هناك 9 نعم اخرى غير الامان, تملكينها و لا تحسين بها, اتستطعين ان تذكري 3 منها؟ :)
اتتخيلين الحياة عندما يكون طموحك ان يمر اليوم دون ان تحدث مصيبة عظيمة (موت, تهدم بيت الخ الخ) لك او لشخص تحبينه؟
صدقيني, نحن جميعا سعداء, و المحزن اننا لا نعلم!
خالد*

Khalid said...

بالمناسبة,بوست جميل كالعادة, احب مدونتك كثيرا!

Anonymous said...

بوست مجنون طبعاً ولا يمكن إلاّ أن يكون كذلك أحياناً أجدك تستولين على بعض أفكاري أو ربما تكونين جزءاً مني أو أنك قرينتي من الجن وأشياء وأشياء أن أكون غير هذا الأنا أو أكون كما تمنيت أن أكون أأأأأأوف لكنت أول من يطأ النار بل الدرك الأسفل منها

ماشى الطريق said...

اللى زى كوكب ما يستحقش يعيش ليوم التلت ولا الأربع حتة
الصراحة بوست لذيذ جدا

Anonymous said...

عارفه ان امي عندها نفس الحلم ده طول عمرها بتقولي عايزه افتح قهوة
وانا كمان ورثة الموضوع عنها وكان نفسي اشتغل قهوجي بس البخت
المهم انا ليه تعليق صغنن خالص
الفيلم مش رديء ولا حاجة بالعكس ده واقعي يا بنتي
سمعتي عن الحاجة "نانا" ..طبعا لأ هبقي احكي عنها قريب
:-)
هيرا :-
الله يحظك ضحكتيني يا مضروبة وانا مش فايق

سندباد مصري said...

انا مش شايف اي مشكله ان الخيال ياخذ مكان الواقع فلم يعد اح يعرف اين هو الواقع واين هو الخيال اليس واقعنا اليوم اغرب من اي خيال لو سمحت مندو ممكن ابقي صبي القهوه

أبوشنب said...

أممممممم

فكره حلوه

بصي شوية تفاصيل صغيره وتبدأ كوكب تجري لوحده

يعني إديها روح

أنفخي فيها وهتلاقيها قدامك من لحم ودم
وأراهنك لو ما قلبتشي حياتك بعد كده

إنت بتفكري فيه
مبهوره بيها

بيتحكي ليكي عنها فبتحسديها وتحاولي يكون ليكي نفس الشخصيه
بتغيظك ...إزاي مش عارف مين تعمل ايه وأنا لأ

نصيحة يا مانيدونا

أنفخي فيها الروح

Anonymous said...

أخاف في مرحلة ما تصبح فيها تخيلاتي هي الواقع ، وواقعي هو الخيال ،

شكرا على هذه الفسحة

mindonna said...

شكرا علي الرد يا خالد
و لكني قتلت نفسي تفكيراً في مسألة مدي النعم التي أنعمها عليّ الله
ولكن الآلام و المشاكل النفسية هذه أشياء نسبية ، لا نستطيع الحكم علي آلام الآخرين بالظروف الإجتماعية أو المادية الخ الخ

الهموم و المشاكل في كل مكان سواء في مصر او العراق او سويسرا حتي
بالتأكيد لو كنت في العراق مشاكلي ستزداد ، ولكن كان سيحفزني غريزة البقاء علي حب الحياة

كناوي : سعيدة بان البوست عجبك يا كناوي
بمناسبة الجن ..أتخيل أيضاً وجود مخلوقات حولي محاطة بي في كل مكان :)
كلام معقول كناوي ، لو كنت فعلت ما أردت... لكنت من أوائل المتفحمين في سقر جهنم
لا أتمني ذلك علي أية حال :)

:)كتابة : شكرا يا كتابة


يحي : جميل جدا ..واضح ان المدونين متحمسين لفكرة فتح القهوة
مش بعيد أعملها و أسميها قهوة المدونين
و اسم الشهرة خاصتي يبقي كوكا
:)

سندباد : صبي قهوة ايه بس ،انت هتبقي المعلم سندباد شريكي في القهوة
ده لو معندكش مانع
:)

أبو شنب : كوكا موجودة في دماغي ، بس انا لو إديتها أكتر من حقها هتاخدني و مش هيبقي فيه العبدة لله خالص ، و آخرتي هتبقي مريضة شيزوفرينيا بتتعالج في العباسية

لا .. خللي الجنون في المعدل الصحّي

mindonna said...

عفواً يا ريحان

حمد الله علي سلامتك
;)

أبوشنب said...

طيب ما تحييها على المدونه وخلي الكل يتمتع

بكتاباتك عن كوكا

(كوكب ليس لها أي علاقة بكوكب بتاعة رائحة عطر في المدونه بتاعتي)

Ahmed Shokeir said...

كان نفسي اكون زى الحاج فتحي

Anonymous said...

Where did you find it? Interesting read Culligan smart water filters South riding golf Fire alarm circuits class a class b Advertising online afor a business advertisment http://www.take-credit-card-over-the-web.info Distribuidora de perfumes en mexico Blackberry 7290 pdf usergguide